الثلاثاء، 24 مارس 2015

لا للطائفية


لا طائفية في مدرسة إمامنا الصادق (عليه السلام)

ماجد السادة



          نجد بعض الناس في القضايا والأحداث والظروف الإنسانية يتعاطى بروح ونفس طائفي، فإذا ما سمع بتفجير أو كارثة من زلزال أو ما شابه، ذهب بأرواح العشرات أو المئات من البشر فأول ما يسأل عنه هو هل هؤلاء من طائفتي هل هؤلاء سنة أم شيعة أم ماذا؟

واضعاً لتفاعله الإنساني اشتراطات تصنيفية، فإذا ما عرف أنهم من غير طائفته لا يبدي للحدث أي اكتراث أو اهتمام بل بعضهم يقول شامتاً: يستحقون ما جاءهم، فقط لأنهم ليسوا على مذهبه.




إن التعاطي مع الظروف والأحداث الإنسانية بنفس طائفي هو سلوك منحرف وحائد عن الفطرة وعن توجيهات الإسلام وأهل بيت الرسالة.


فأهل البيت (عليهم السلام) يدعوننا من خلال سيرتهم أن ننفتح بعقولنا وأحاسيسنا على هموم الأمة وقضاياها الكبرى ولا نجعل همنا الطائفي يشغلنا عن ذلك، فرغم ما للطائفة من حق للدفاع عن نفسها وحقوقها والتبشير لما تؤمن به إلا أن ذلك لا يعني أبدا الانطواء والانعزال عن الشؤون العامة للمسلمين وعن الهموم الكبرى المشتركة للأمة.


فهاهم أئمتنا الأطهار الذين سُلط عليهم سيف الظلم والبغي والطائفية المقيتة بأعتى وأقسى صورها، رغم كل ذلك لم يتعذروا بذلك ويتخلوا عن الاهتمام بقضايا الأمة الكبرى والمشتركة لكافة المسلمين.


فإمامنا علي بن الحسين زين العابدين رغم الحيف والظلم الذي لاقاه في كربلاء حيث استشهدت رجالات أهل البيت (عليهم السلام) وسبيت نساءهم رغم كل ذلك،
ورغم اعتمال كل هذا الأسى في نفسه على مدى عشرين أو أربعين عاما كما يروي التاريخ لنا ذلك ويحكي لنا عن طول بكائه وتألماته، إلا أن كل ذلك لم يمنعه من أن ينفتح على الهموم المشتركة للأمة فقد كان في زمانه الأعداء يحومون حول ثغور بلاد الإسلام لينالوا منها،
وجيوش المسلمين ترابط على الثغور وتقاتل للدفاع عن دولة الإسلام ورغم أن تلك الجيوش تحت سلطة أعداء أهل البيت(عليهم السلام) من حكام بني أمية إلا أن ذلك لم يمنعه من الدعاء لتلك الجيوش بالنصر في دعاء هو من أطول أدعية الصحيفة السجادية موسوم بـ «دعاء الثغور»، كل ذلك إشارة إلى ضرورة الانفتاح على قضايا الأمة الكبرى وعدم التعاطي معها بالروح الطائفية.

فلا ينبغي أن يرضى السنة بأي ضرر قد يأتي من أمريكا على إيران مثلا، كما لا يرضى الشيعة بما يعانيه أهلهم في فلسطين من قبل العدو المحتل فكلا الاعتداءين اعتداء على بلاد الإسلام، بغض النظر عن التصنيف الطائفي لها، فلا بد أن نعيش بروح الأمة في مواجهة ما يلقانا كأمة من أخطار.

إمامنا الصادق ضرب لنا هنا مثالا نحتذي به، فحين خرج حاملا على ظهره شيئا من الطعام ليغيث به بعض المعوزين والمحتاجين من مجتمعه وفي وسط ذلك الليل والناس في ساعة النوم والراحة وفي وقت تزخ السماء بأمطارها لم يتوانى عن واجبه ودوره هذا لمجرد كون أولئك المعوزين الذين يعيشون ظروفا إنسانية قاسية على غير رأيه ومذاهبهم.


ولعل روح الطائفية تلك كانت سائدة حينها الأمر الذي جعل مرافقه يسأله إن كان هؤلاء على مذهبه أم لا، متوهماً أن الإمام قد يتخذ هذه التصنيفات المذهبية ويعتمدها في مواقفه الإنسانية، لذا أجابه الإمام بأنهم ليسوا من شيعة أهل البيت،


هكذا علمنا الصادق، هكذا هي مدرسة أهل البيت (عليهم السلام)


حكومة أمير المؤمنين علي عليه السلام


من مزايا حكومة أمير المؤمنين علي عليه السلام
الأستاذ فؤاد شبيب  


تتجاذب الإنسان التوجهات والنظريات السياسية الشرقية منها والغربية بما يحويه مضمون السياسة : من القدرة على إدارة دفة الحكم وتسيير الناس ، ومما يُؤسر الإنسان – مطلق الإنسان – سيرة أمير المؤمنين ومولى الموحدين علي بن أبي طالب عليه السلام في إدارته البلاد والتي تحوي أكثر من (50) خمسين دولة من دول اليوم وهي الدولة العظمى ، عدداً وعدة .

فلماذا حكومة علي ؟ لماذا سياسة علي ؟ لماذا إدارة علي ؟ لماذا لماذا ...

ويأتي جواب ذلك في أمرين :

الأول : لأن علي عليه السلام مع القرآن والقرآن مع علي ، وقد قال رسول الله صلى الله عليه وآله : ( الله أكبر .. الحمد الله الذي أنزل الآيات البينات في أبي الحسن والحسين )

فهو الترجمان الحق للدين ولحكومة رسول الله صلى الله عليه وآله ولخلافة الله سبحانه في الأرض ، هذا من جهة .



الثاني : أن ما جرى في أيام حكومته على ما صنعوه لزعزعة حكمه وإدارته إلا أنه لا نجد مثيله لا في التاريخ ولا في الحاضر ، وأطوي ما شئت وكيفما شئت من طي السجل للكتب فلا ترى تلك المزايا والملامح الرائعة والناصعة في جبين الدهر إلا في حكومته وحكومة أخيه رسول الله صلى الله عليه وآله من قبله ، وهنا سنذكر بعض تلك المزايا التي – بالفعل وبالقوة – تمثل خلافة الله سبحانه في الأرض فمنها :

1- لا وجود في حكومته لجائع أو غير متنعم :
ورد عن أمير المؤمنين أنه قال : ( أأقنع من العيش أن يقال أمير المؤمنين ولا أشاركهم في مكاره الحياة وأكون أسوة لهم في جشوبة العيش ، ولعل في الحجاز أو اليمامة من لا عهد له بالشبع أو لا طمع له بالقرص )

وكلمة ( لعل ) هي محور الحديث ، حيث ذكر الإمام عليه السلام ذلك وهو مقيم بالكوفة عاصمة الدولة الإسلامية آنذاك ، والتي ينقل أرباب التاريخ أن فيها ( أربعة آلاف ألف إنسان ) أي أربعة ملايين نسمة بالكوفة .
 
وذلك يعني : أن أمير المؤمنين عليه السلام كان متأكداً وقاطعاً من عدم وجود الجائع في الكوفة الحاوية لهذا العدد الكبير والدليل قوله ( لعل ) ، وهل هذا يعني أن في الحجاز أو اليمامة وجود للجائع والمحتاج في ظل حكومته ؟ الظاهر أيضاً من ذات الكلمة ( لعل ) أنه لا وجود لهذا الوصف في الخارج ، لصدور ذلك من ثنايا المعصوم ، والفرق ظاهر ، وأن معناها ومرادها حين تصدر منه عليه السلام وهو العالم بأمر الناس والولي والخليفة من الله جل وعلا عليهم ، فقوله ( لعل ) يبدوا منه أيضاً عدم الوجود .. وكيف كان ..

فهل ترى في جبين التاريخ أو في صدر الحاضر ، وهل سمعت أذناك أو رأت عيناك دولة تظم ( أربعة ملايين نسمة ) لا يوجد فيها فقير أو محتاج أو من لا يملك منزل أو دابة أو طعام أو .... بل ربما يمكن ويصح القول : أن هذا لا يمكن تعقله ، لا أقل في حاضرنا المعاش ومستقبلنا القريب !


ومما يؤكد رغد العيش تحت ظل حكومته الإلهية قوله عليه السلام : ( ما أصبح بالكوفة أحد إلا ناعماً ، وإن أدناهم منزلة ليأكل البر ، ويجلس في الظل ، ويشرب من من ماء الفرات ) الله أكبر يا أمير المؤمنين .

2- الحرية في حكومته عليه السلام :
كانت الحرية في عهد الأمير مبسوطة كل البسط وعلى كل المستويات ، سواءً الحرية الاعتقادية أو الثقافية أو السياسية ، مبنية على أسس منها
 ( لا تكن عبد غيرك وقد جعلك الله حرا ) و ( الناس إما أخ لك في الدين أو نظير لك في الخلق ) ولم يكن لها قيد أو شرط سوى ( مالم تمس حريات الآخرين ) وكنماذج لذلك :

النموذج الأول : الحرية السياسية  
فقد ورد أن الإمام علي عليه السلام ( لم يقطع عطاء الخوارج من بيت المال ) على أنهم يمثلون المعارضة ، وكذلك أنظر إلى ما نقله التاريخ أن عمر بن حريث مع سبعة نفر لما خرجوا إلى مكان يسمى الخورنق فخرج إليهم ضب وبايعوه بأمرة المؤمنين ! – ناكثين بيعة الإمام عليه السلام – مستهزئين ، ثم افلتوه فقدموا المدائن والأمير عليه السلام يخطب في المسجد ، فلما دخلوا نظر إليهم أمير المؤمنين عليه السلام من فوق المنبر وقد قطع حديثه فقال :  أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وآله أسر ألي ألف حديث ... وأني سمعت الله جل وعلا يقول ( يوم ندعوا كل أناس بإمامهم ) وأني أقسم بالله ليبعثن يوم القيامة ثمانية نفر يدعون بإمامهم وهو ضب ولو شئت أن أسميهم لفعلت ، فسقط عمر بن حريث على الأرض حياء ولؤماً .

فأنظر كيف تعامل معهم الرئيس الأعلى للبلاد جعلهم بحريتهم .. وإن كانوا على ضلال .
 
النموذج الثاني : حرية الاعتقاد
فقد كان اليهود والنصارى والمخالفين لإمامته عليه السلام ينعمون بحريتهم وطقوسهم الدينية ، فها هو عليه السلام الرئيس الأعلى للإسلام يدعو المسلمين إلى أن يقيموا نوافل شهر رمضان فرادى كما أمر بها النبي الأعظم صلى الله عليه وآله ولكن بعض المسلمين خالفوه وخرجوا بمظاهرات ضده عليه السلام ، قلم يجبرهم لا بالقوة ولا بغيرها على أتباع أمره بل أمر أن يتركوا ليفعلوا ما شاءوا !!
وهناك نماذج ونماذج تمثل صور بل أروع صور الحرية التي لم نسمع أو نرى لها مثيلاً لا في بطون الكتب ولا في قنوات الحرية وبلدان الديمقراطية ولا في غيرها ، حرية لا تطبق إلا عند أولياء الله وخلفاءه ......

 فأين الساسة من هذه اللذات !!!  
 

الجمعة، 6 مارس 2015

حكومة الإمام علي (عليه السلام)



الحكومة المثالية لأمير المؤمنين(عليه السلام)
 
     تميزت حكومة أمير المؤمنين عليّ (عليه الصلاة والسلام)  بأنها منهاج الإسلام الصحيح الذي أنزله الله تعالى إلى الأرض، لأجل راحة العباد وعمران البلاد..
 
فترى في هذا الحكم النموذجي أشياء لعلّ البشر يستغربها في عصرنا الحاضر، ومن هنا يعلم السر في قول سيدة نساء العالمين فاطمة الزهراء (عليها السلام): (وطاعتنا نظاماً للملة).
 
توفير المسكن والرزق لكل الناس
 
   فقد وفر الإمام أمير المؤمنين (عليه الصلاة والسلام) في حكومته لجميع شعبه: المسكن والرزق والماء، وقال في كلمة له مضمونها: إني وفرت المسكن والرزق والماء لجميع شعبي.
 
مع العلم بأن حكومة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) كانت واسعة جداً، تشمل ما يقارب خمسين دولة حسب خارطة اليوم، منها مصر والحجاز واليمن وإيران والخليج والعراق وغيرها، فهي أكبر دولة في عالم ذلك اليوم، ومع ذلك وفر الإمام (عليه السلام) بسياسته الحكيمة كل ذلك لكل شعبه.
 
فكيف أعطاهم (عليه السلام) المسكن؟
 
من الطبيعي أن الإمام (عليه السلام) طبق قانون الإسلام بكامله، فالقانون الشرعي يقول: (الأرض لله ولمن عمّرها)(1) فكان (عليه السلام) يعطي الأرض للناس مجاناً، ثم يساعدهم من بيت المال لأجل إحياء الأراضي وعمرانها.
 
مضافاً إلى أن التجارة والزراعة والصناعة وغيرها كانت في حكومته (عليه السلام) حرة، وكان الناس ينتفعون بمختلف المكاسب ويحصلون على الأرزاق المحللة، بالإضافة إلى ما كان يقسم عليهم الإمام (عليه السلام) من بيت المال.
 
وكان الناس يحصلون على الماء بحفر الأنهر والآبار، وذلك بملأ حرّيتهم، ومن دون أية ضريبة أو إجازة أو ما أشبه.
 
وبذلك كله تمكن الإمام (عليه السلام) أن يهيأ لعموم شعبه المسكن والرزق والماء، وهذا ما لم تتمكن منه حتى البلاد الغربية التي تدعي أنها وصلت إلى قمة الحضارة في يومنا هذا.


لا فقير في بلاد الإمام (عليه السلام)
 
وقد انتفت البطالة أيضاً في ظل حكومة أمير المؤمنين (عليه السلام) لوجود الكسب الحلال لكل إنسان.
 
ولم يكن يوجد في بلاد الإمام (عليه السلام) الواسعة حتى فقير واحد، فقد قال (عليه السلام) في كلمة له: (لعل بالحجاز أو اليمامة من لا طمع له في القرص ولا عهد له بالشبع)(2) فان في استعماله (عليه السلام) كلمة (لعل) إشارة إلى نفي الفقر عن البلاد بحيث لم يكن القائد متيقناً بوجود فقير واحد.
 
قصة النصراني المكفوف
 
وقصة الإمام (عليه السلام) مع النصراني المكفوف مما يؤيد هذا المطلب أيضاً: حيث كان الإمام (عليه السلام) في شوارع الكوفة.. فمر بشخص يتكفف وهو شيخ كبير السن، فوقف (عليه السلام) متعجباً وقال (عليه الصلاة والسلام): ما هذا؟ ولم يقل من هذا، و(ما) لما لا يعقل، و(من) لمن يعقل، أي انه (عليه السلام) رأى شيئاً عجيباً يستحق أن يتعجب منه، فقال أي شيء هذا؟
قالوا: يا أمير المؤمنين إنه نصراني قد كبر وعجز ويتكفّف.
فقال الإمام (عليه السلام): ما أنصفتموه.. استعملتموه حتى إذا كبر وعجز تركتموه، اجروا له من بيت المال راتباً (3).

وعلى هذا النمط كان الإمام (عليه الصلاة والسلام) في حكومته كالرسول (صلى الله عليه وآله) في حكومته (وقد عرفت سعة حكومتيهما) فكانا يعاملان الناس أفضل معاملة عرفتها البشرية.

متابعة القراءة